عام من الإبادة الجماعية والإفلات من العقاب. كاريكاتير بتاريخ 12/10/2024 في CTXT
لقد مرّ عام على بدء الإبادة الجماعية في فلسطين(فصل آخر)، لكنه مجرد تاريخ آخر لأن نتانياهو وجيشه من القتلة لم يعد لهم أي اعتبار لكل شيء منذ فترة طويلة، بل إنهم مدوا امتياز الموت إلى بلدان أخرى.
إن الاستماع إلى الأخبار اليومية من فلسطين والضفة الغربية والآن من لبنان هو نشاط لا يطاق. فالجنود يواصلون نشر احتفالاتهم بمذابحهم وتدميرهم بفخر مروع لمعرفتهم أنهم بلا عقاب. من المحتمل أن يقوم الجيش الإسرائيلي بإعدام الأطفال بإطلاق النار على رؤوسهم مثلما يقوم بإجبار الشباب في غزة على البحث عن القنابل باستخدامهم كدروع بشرية.
قدمت الحكومة اللبنانية أمس شكوى جديدة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات الإسرائيلية على لبنان بين 3 و14 تشرين الأول/أكتوبر، حيث كثفت الدولة العبرية قصفها واجتياحها البري لجنوب لبنان.
أطلق النار على كل شيء، سواء كان يتحرك أو لا يتحرك.
رصدت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في موقع بالقرب من كفركلا (لبنان) دبابة ميركافا تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي تطلق النار على برج المراقبة التابع لها. ودُمرت كاميرتان ولحقت أضرار بالبرج.
وهذه هي المرة الثانية في أقل من سبعة أيام التي يتعرض فيها موقع لليونيفيل لإطلاق نار مباشر ومتعمد على ما يبدو. ففي الهجوم السابق الذي وقع في ١١ تشرين اﻷول/أكتوبر، أصيب اثنان من جنود حفظ السﻻم بجروح بعد أن أطلقت دبابة ميركافا تابعة للجيش اﻹسرائيلي نيران مدفعها على برج مراقبة في مقر اليونيفيل في الناقورة، فأصابته مباشرة وتسببت في سقوطه.
وفي 12 تشرين الأول، صدر بيان مشترك عن 34 دولة ممولة لليونيفيل، بمبادرة من بولندا، دعا إلى حماية جنود حفظ السلام، وأدان الحوادث ودعا إلى احترام مهمة اليونيفيل وسلامة أفرادها.
وفي 16 تشرين الأول، ذكّرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) مرة أخرى في بيان مقتضب قوات الدفاع الإسرائيلية وجميع الجهات الفاعلة بالتزامها بضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها واحترام حرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات.
وكيف يرد العالم المتحضر على مثل هذه الهجمات؟ لا شيء، على ما يرام. أما أولئك الذين لا يتظاهرون بالجنون أو يتصرفون "بتراخٍ" مع بعض الإيماءات إلى المعرض، فيواصلون الدفاع بهدوء عن الإبادة المنهجية للمدنيين حيثما يحلو لإسرائيل أن تنفذها.
يرى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن إسرائيل تستخدم الاغتيالات العسكرية في لبنان لإضفاء الشرعية على المجازر التي ترتكبها بحق المدنيين. فمنذ بداية هجومه الواسع النطاق على لبنان، ارتكب الجيش الإسرائيلي أكثر من 20 مجزرة بحق المدنيين، وحاول إضفاء الشرعية عليها وتبريرها بذريعة مهاجمة أهداف عسكرية أو تنفيذ اغتيالات عسكرية أو سياسية. وفيما يلي قائمة ببعض هذه المجازر.
إن الأورومتوسطي واضح جدا أن المجتمع الدولي ملزم قانونا بمنع إسرائيل من ارتكاب جرائم خطيرة ضد المدنيين في لبنان وعلى الأراضي اللبنانية. ويشمل هذا الالتزام استخدام جميع الوسائل القانونية لمنع إسرائيل من الحصول على الأسلحة، والحظر التام لبيع أو تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، والتوقف الفوري عن تقديم أي دعم عسكري أو استخباراتي يمكن أن تستخدمه إسرائيل لشن حروب غير مشروعة، ومحاسبة إسرائيل على جميع هذه الجرائم.
ومن الأدلة العديدة على أنهم لا يكترثون لذلك الهجوم الإسرائيلي على قرية عيتو المسيحية المارونية الواقعة على بعد حوالي 100 كيلومتر شمال شرق بيروت في شمال لبنان، والذي أسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة عدد لم يحدد بعد. وكان الهدف من الهجوم مبنى سكني يأوي نازحين من جنوب لبنان.
لم يُسمع صوت واحد هنا ضد الممثلين "المسيحيين" أو تلك الزمرة من المختلين الذين يلقون الأوسمة على المجتمع اليهودي بسبب "حماسهم الاندماجي".
هناك العديد من المواقف التافهة والصامتة في أوروبا، ولكن يمكن أن يكون أحدها أكثر إثارة للاشمئزاز. ومن المؤكد أن موقف ألمانيا ينافس بالتأكيد على أن يكون من بين أحقر المواقف التي ستذكر بالخزي والعار، كما آمل.
هذا ما صرحت به أنالينا بايربوك (حزب الخضر)، وزيرة الخارجية الألمانية في حكومة شولتس، في البرلمان في 14 أكتوبر:
"الدفاع عن النفس، بالطبع، لا يعني فقط مهاجمة الإرهابيين، بل يعني تدميرهم. ولهذا السبب أوضحتُ أنه عندما يختبئ إرهابيو حماس خلف الناس، خلف المدارس، فإننا ندخل في مشاكل صعبة للغاية، ولكننا لا نجبن. لقد أوضحتُ للأمم المتحدة أن المواقع المدنية يمكن أن تفقد أيضًا وضعها المحمي لأن الإرهابيين يسيئون استخدامها. هذا ما تدعمه ألمانيا وهذا ما يعنيه أمن إسرائيل بالنسبة لنا".
إلا أن هذا غير صحيح، وفقًا لمحامي حقوق الإنسان كريغ مخيبر. فقد قال المسؤول البارز السابق في الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان ل ـ"ميمو" إن الادعاءات بأن لإسرائيل الحق في "الدفاع عن النفس" بقتل المدنيين في غزة لا أساس لها في القانون الدولي.
في أعقاب تصريحات برلين التافهة التي تدعم علنًا القصف الإسرائيلي وتتغاضى عن قتل إسرائيل للمدنيين في غزة "لحماية نفسها"، تقوم شرطة برلين بقمع المتظاهرين ضد الإبادة الإسرائيلية والاعتداء عليهم بوحشية.
ومع ذلك، بدأت استثناءات مشرفة في الظهور، مثل أيرلندا. فهناك قال رئيس الوزراء سايمون هاريس إن أيرلندا"لن تنتظر الجميع في أوروبا للتحرك بشأن قضية التجارة في الأراضي الفلسطينية المحتلة" وأنها مستعدة للتصرف من تلقاء نفسها وتقييد العلاقات التجارية مع إسرائيل.
كما بدأت بعض الاحتجاجات التي يقوم بها المتظاهرون اليهود تظهر في البلدان التي تدعم وتورد الأسلحة للإبادة الجماعية، مثل الولايات المتحدة، حيث تظاهرت مجموعة كبيرة خارج بورصة نيويورك للأوراق المالية للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة والتربح من الحرب الذي تقوم به شركات مثل رايثيون ولوكهيد مارتن.
على الرغم من أن هذا الأمر قد تم تكراره عدة مرات وبطرق مختلفة، إلا أنه يستحق السؤال مرة أخرى.
ماذا سنقول عندما تسألنا الأجيال القادمة عما كنا نفعله بينما كان الشعب الفلسطيني يتعرض للإبادة؟